חסר רכיב

جذور

مرّ الفنان فؤاد إغبارية خلال حياته بتجارب كثيرة: أحداث سارَّة، قصص صعبة، وجروح مؤلمة تركت على روحه الندبات. قوامات من الذاكرة البصرية والحسّية، روائح لحظات مرّت وزالت.

     اشتمّ الفنان جميع الروائح في طفولته ولم يتنازل عنها. خوف، قلق وتجارب مرتبطة بالأرض وقوامها؛ قوام طبيعة شخصية وجماعية. طبيعة طفولة حادّة منقوشة عميقًا في الوعي:

"كلما كبرت كلما أصبحت طبيعة طفولتي الوحشية، الخضراء والمشحونة، حقلًا من تصارع في المشاعر: يأس، خيبة، وانقطاع أحيانًا أيضًا. كان هذا العالم، في طفولتي أيضًا، مباشرًا، مفعمًا بالسحر والروحانيات والعلاقة المباشرة مع الأرض، ثم نمت فيه، عند بلوغي، أشواك من الاغتراب، الكسر، وانعدام الانتماء."

هذا ما يقوله الفنان لوصف المحور العاطفي الذي يرافق لغته البصرية: بين الطبيعية الحقيقية والمشهد الميتافيزيقي، بين "الوجود والبيت"، بين شخصية الأم وشخصية الأب، بين التقارب والتباعد. تغرَس كل هذه (تجارب الطفولة، الوداعات، الاحتجاجات، محاولات الإصلاح) في جسد الفنان وتنسَج في كل رسمة، تنصيبة، أو بساط حديدي.

موتيف الجذر، على كافة امتداداته الحقيقية والفكرية، ليس مجرد مركب شكلي، بل ركيزة وجودية. يعبر موتيف الجذر عن الرغبة بالتشبث، الحديث باسم الأرض، وتعميق الجذور النفسية والثقافية. يتيح موتيف الجذر التحرك بين الشخصي والجماعي، بين اليأس والأمل، بين الدمع والابتسام.

يتركب المعرض من لوحات كبيرة الحجم، تعرض سياجات مبنية من نباتات صبّار جذورها بارزة، تسيطر على أحد جدران المعرض، سلسلة لوحات صغيرة الحجم وسلسلة لوحات متوسطة الحجم. تتوسط فضاء العرض تنصيبة مبنية من ألواح حديدية ضخمة دائرية، كألواح الصبار، منحوتة عليها أنماط تطريز فلسطيني. يخرج من كل لوح صبار أنبوب متصل بالجذور يغذيها بسائل.

اللوحات مبنية في طبقات لونية بقوامات تعانق الألوان الترابية: البني، الأخضر، الصدأ والأزرق الداكن. ضربات الفرشاة القوية والمقاطع التي تبدو ضبابية وغير واضحة تعبرّ عن الذاكرة المتهالكة والشعور بأن كل شيء آخذ بالتغير لكن يترك في الوقت نفسه بصمة على الوعي. يظهر موتيف الجذور في جميع أعمال فؤاد، في لوحاته وتنصيباته، كرمز لما يربطه بنفسه، بالأرض، وبالمجتمع الذي يعيش ويبدع فيه.

تنصيبة الصبار المستديرة، وجذوره البارزة الغريزية والعدوانية، تشير إلى الذكورة والأنوثة كما لو كانت ممتدة بين عالمين، بين الطفولة والبلوغ، بين الذاكرة والثقافة، وبين المادة والقوام والشكل.

 

قيمِّ المعرض: فريد أبو شقرة

 جذور 

חסר רכיב