חסר רכיב

يأتين بقول

يجمع معرض "يأتين بقول" بين سيچاليت لانداو ومنار زُعبي، بالإضافة لأربع فنانات عربيات شابات هن أيضًا المتحدثات في العمل الصوتي الجديد الذي أبدعته سيچاليت؛ تتحدث  سيچاليت في العمل معهن عن الواقع، الأحلام وعن أفكارهن المستقلبية، كفنانات في البلاد. في عالم مفعم بالألوان، بوجود مطبخ قديم الطراز، فرن موقد تدور حوله أحاديث نساء يهوديات مسنات يتأملن حياتهن بأثر رجعي. تولد من بين كل تلك الأصوات لحظات شخصية، من الماضي والحاضر، ترسم قصة أوسع بكثير. تلتقي كل هذه المُركبات بمنار زُعبي وهي تخلق عالماً أبيض رمادي محفورًا ونابضًا، موجودًا بين الخراب والمتخيل وبين التاريخي والمعاصر. هوية منار، كفنانة وكفلسطينية وكامرأة، تشحن الأصوات الاجتماعية والسياسية التي تُسمِعها، وبالمقابل تأتي بصوت يحمل بُعدًا عميقًا وإنسانيًا.


تستخدم شمس هواري زُعبي مواد التنظيف المُستعملة يوميًا في عمليات تنظيف وتطهير لرسم حالات نفسية، جروح وذكريات من الماضي لا تزال حية على قطع قماش كبيرة؛ تحاول مرجان غنايم تصوير عملية تحوّل من خلال نحتها بالطين والضوء عمليات تحوّل، وتضع فيهما إمكانية للشفاء؛ تخلق ليلى عبد الرزاق لغة خاصة بها من خلال عمل فيديو تركيبي يتضمن مونولوجات للجمهور بينما قامت دلّة طربيه بتجميع نتاج جولة في مواقع تصوير على شاشة واحدة.

تكشف كل واحدة من الفنانات الست، على حدة ومعًا، عن جراح مفتوحة ويبحثن عن الأفق الذي غالبًا ما تصعب رؤيته؛ قمن بالربط ما بين أصوات الجسد والروح، بين الصدمة والشفاء وبين مجتمع يعاني من أزمة وبين تفاصيله. تدرك الفنانات جيدًا قوى الفصل الموجودة الآن ويذكرننا بأن بداية أي مستقبل متخيل تبدأ من النظر إلى الجرح والاتفاق على ضرورة إفساح المجال للشعور والاستعداد للحوار.
....

سيچاليت ومنار

لانداو وزُعبي، فنانتان أساسيتان، تلتقيان هنا في حيّز واحد وخارجه كذلك. كل واحدة منهما تبني عالمًا؛ كلتاهما تتركان أثرًا قويًا ورسالة ذات صدى ترتكز على الرغبة في الإصلاح، بينما تنحتان وتصبان، تبنيان وتعرّيان.

تمر كل واحدة منهما من خلال ألم، من الجذور مرورًا بالآن ووصولاً للمستقبل. تخرج من حيّزهما الفني أصواتٌ هي بمثابة الركائز التي يستند عليها المعرض، حيث وزن الكلمات فيها يضاهي وزن المادة. حجم الصوت، الأصوات والكلمات المكتوبة هي مادة هامة تلتقي بمادة فعلية؛ الشيء ذاته ينطبق على دلّة وليلى. يمكنك أن تتجول فيه بين الكلمات، أن تتركها تعود للحياة، أن تصدح وتخدش.

....

 

 

سيچاليت

يحمل عمل "أسمعي صوتك" في طياته مرحلة زمنية تمتد إلى 11 عامًا. تُعيد لانداو من خلال عملها التركيبي والصوتي بناء مطبخ محلي قديم يعود إلى الخمسينيات في البلاد فيه موقد يُصدر أصواتاً مختلطة لنساء يتأملن لحظات شخصية من حياتهن على ضوء لحظات تاريخية من مراحل تطور الدولة والاستيطان اليهود في البلاد (2012).

تتحدث سيچاليت هذه المرة مع أربع نساء أخريات، فنانات، شابات، عربيات، فلسطينيات من خلال محادثات تم تسجيلها في شهر سبتمبر 2023. تعيش شمس، مرجان، ليلى ودلّة حاليًا مصيرنا المشترك هنا كمواطنات في الدولة وكذلك المصاعب التي يعاني منها المجتمع العربي والصعوبات التي يعشنها هن داخله، كمجتمع داخل مجتمع؛ مجتمع شفاف، لم يعد مستعدًا أن يظل بلا لون ولا هوية في عيون الدولة التي أفرادها هم مواطنوها. تتناول المحادثات الشخصية كذلك النواحي الثقافية والتاريخية للشعب الفلسطيني، بما في ذلك سكان غزة والمناطق المحتلة.

تمت دعوة الفنانات من خلال دعوة صادقة وعندما قبلن الدعوة انغمسن في اللقاء مع فنانة ذات مخزون إبداعي عريق، في ذروة نشاطها الفني، في أسئلة حول حياتهن: الواقع الذي وُلدن فيه، الحاضر وأحلام المستقبل كمبدعات في البلاد، كمبدعات فلسطينيات في البلاد، كفنانات، نساء، فلسطينيات، في البلاد؛ كجيل شاب نشأ هنا بدون أفق. هل يمكن أن يكون هذا الأفق غير الموجود ملكًا لنا جميعًا أم أننا نتمنى أفقًا يمكننا رؤيته جميعًا؟ المحادثات التي بُنيت كمونولوجات تحتضن في داخلها ما كانت تتطلع إلى السؤال عنه، عن الطعام، الحب، الأغاني، الأسماء والفن.

 

في العمل الابداعي المعنون بـ "أكتوبر 2023"، المصنوع من البرونز والذي يُظهر امرأة وطفلاً على أرضية موت، يُستشعر منه الوضع المُلح والصدمة في وضع لا تزال فيه الأحداث متواصلة.

 

"دائما هناك" هو عمل فيديو جديد نرى فيه امرأة تسير على أرض مخضبة بالدماء، على حدود القشرة البيضاء، في حركة دائرية، بدون زمن واضح. متى ستتوقف عن المشي؟ متى تصبح مسيرتها مسيرتنا؟

متى سيولد من هذه الصعوبات ذلك الجديد المُنتظر ويُجسد طاقات الجمال الكامنة فيه؟

....

منار

تتنقل منار بين أماكن تنشط فيها خلال ذلك. تنبش هنا ذاكرة مكان في جدران المعرض، جدران مبنى بريطاني لمستعمرة كانت موجودة هنا؛ تحفر فيها وتنقش عليها قصصًا لم تُروَ، وذكريات تاريخية فلسطينية، أماكن حية كانت وما زالت مفقودة. تم إعادة تخيلها كذاكرة مستقبلية.

بقيت آثار جسدها النابض، المعتاد على الألم، في الحيّز، في محاكاة لقصة سرايا التي تظهر وتختفي من على الشاشة المُعلقة على الجدار المقابل.

طاولة واحدة عليها سائل داكن ليس معروفًا ما اذا كان اللون الأسود للخط الأساسي في الفن، فنجان قهوة عربية ساخن يغلي فوق العتبة، أو ربما عتبة القدرة الإنسانية. كؤوس شُربت وتركها من شربها ولم يعودوا موجودين تنتظر أن تعود لها الحياة مع عودة شاربيها.

تتسلل الفنانة وتدخل إلى الحدود الرفيعة ما بين الواقع والخيال في عمل الفيديو "سرايا"، حيث تجلب إلى داخل الحيّز جدران من أماكن أخرى عملت فيها (حيفا، بيت الكرمة). شخصية سرايا التي تحفظ الذاكرة الفلسطينية التاريخية والتي كان أبدعها الكاتب إميل حبيبي. في عمل منار تظهر هذه الشخصية وتختفي، تخرج من الجدار لكنها تحمل معها الثقب الموجود فيه، داخل بطنها.

يرافقها صوت أمواج البحر، أمواج ذاكرة ونسيان، خيال وواقع.

تحيي كذلك في مدينة القدس وبالطريقة ذاتها ادوارد سعيد الطفل الذي تدعوه أمه ليعود إلى بيته، إلى البيت الذي مُنع من العودة إليه.

تتنقل منار ما بين الناصرة وحيفا والقدس وتُحضر جميعها معها إلى هنا، إلى چڨعات حبيبة.

هل يمكن لتعايش مُشترك قائم على تصحيح وتقديس الحياة أن يتحقق هنا؟

....
شَمس
شمس، من مواليد الناصرة عام 1990، خريجة لقب ثاني بموضوع الفنون من كلية أورانيم عام 2023، تعرض أعمالها منذ عدة سنوات. تُعتبر الماعز السوداء التي تظهر في أعمالها رمزًا للوجود الطبيعي للشعب الفلسطيني هنا. سعى الاستيطان اليهودي الذي اعتبر الماعز الأسود بمثابة ضرر إلى استبدالها بالماعز الأبيض الأوروبي. هذه هي الطريقة التي تم بها تقليل عدد الماعز الأسود على مر السنين. منذ 6 سنوات فقط، في عام 2017، تم إلغاء القانون الذي يعرّفها بأنها من الأنواع الضارة بالبيئة. عملت شمس على إحيائها مراراً وتكراراً بطرق مُتعددة. تظهر الماعز هنا أحيانًا كصورة ظلية سوداء وأحيانًا على منديل رطب.

تظهر هنا أيضًا شخصيات نسائية، قوية، صامدة، مثل صورة جدتها المرسومة بالمادة المُبيّضة على قماش أسود. تم إبداع هذا العمل على مرحلتين، المرحلة الأولى كانت من خلال بناء الطبقة الأولى التي تضمنت رسم الجدة ومرة ​​أخرى خلال الشهرين الأخيرين بين أغسطس 2023 وصولاً إلى ما بعد أكتوبر 2023. حاجة النساء، في مجتمع مصدوم، للصمود والحفاظ على تماسكهن، هي أيضًا مصدر قوتهن. لكن على العكس من ذلك أيضًا: قوتهن هي حاجة هامة للصمود. تترك تلك الحاجة بصمتها، وفي عملي شمس اللذين يحملان العنوانين "قلب في الركبتين" و"بدون عنوان" ترسم شمس - تنظف جراح الروح وأثرها على الجسد في مواقف صادمة، شخصية ولكن عامة أيضًا، لمجتمع بأكمله؛ يمكن للمرء أن يتساءل، ما هو الجسد العاطفي للمجتمع؟ هكذا تتحرك دائريًا بين العام والشخصي، بطريقة حسية للغاية، من خلال سوائل ومواد نستخدمها في الحياة اليومية، هي تستخدمها  للمحو والإظهار. من خلال المحو تخلق ظهورًا ومن خلال الإخفاء تخلق انكشافا.

....

مُرجان

مُرجان من مواليد عام 1996، خريجة لقب ثاني بموضوع الفنون من جامعة حيفا، فوج عام 2023، من مدينة باقة الغربية القريبة من چڨعات حبيبة.

تسعى مُرجان إلى صياغة أشكال وتفاعلات داخلية، وعمليات تحوّل تُصر على التقاطها.

تم وضع أصداف بيضاء بشكل ثابت وبينها صور تتحرك، متجددة الهواء، ليس معروفا ما اذا كانت للأصداف نفسها أو حالات جديدة.

تتبع الفنانة بحساسية كبيرة ومضات مسار نفسي غير مفهومة. تنحت في الضوء كما تنحت في الطين.

تترك ببطء شديد وتتيح أخيرًا حركة تخلق إمكانية التحول.

....

ليلى

ليلى من مواليد 1999، خريجة لقب ثاني بموضوع الفنون من جامعة حيفا، فوج عام 2023، وهي من نوف هجليل (الناصرة العليا سابقاً). تخلق على مساحة جدار واحد، بخط يدها، بيئة مكثفة، خط يتكرر ويكتب كلمة واحدة بلغة مُشفّرة لا يعرفها إلا بعض الشباب في المجتمع العربي وتعني: "أنا خائنة/ خائن". تتحدث مع الجمهور من خلال مونولوجين صريحين وحميمين. صوت المُجتمع المحيط بها، هو أيضًا صوتها الداخلي المشحون داخلها. يتم طرح أسئلة حول قوة المجتمع، الفرد، وما الذي يحدد الانتماء إليه من خلال التفاعل مع اللغة ومن خلال قصتها الشخصية؛ تتحدث ليلى وتكتب بشكل أساسي باللغة الإنجليزية، حيث تشعر هناك وكأنها في بيتها. لهذا السبب ستسمعها بالعبرية - الإنجليزية بدون التحدث بالعربية كمتحدثة في أعمال لانداو. تنتقد ليلى عدم الاستعداد لتقبل التنوع والاختلاف في المجتمع، وهو يتعكس من خلال الثمن الذي يدفعه المُجتمع في كثير من الأحيان نتيجة عدم الاشتراك في قواعدها غير المكتوبة.

....

دلّة

دلّة من مواليد 1996، هي أيضًا خريجة لقب ثانٍ بموضوع الفنون من جامعة حيفا، فوج عام 2023، ، من شفاعمرو.

تأخذنا دلّة في جولة تضم 5 مواقع تتبدل أمام أعيننا. تظهر في جميعها وهي مرتدية ملابس سوداء، مستلقية، بلا حراك تقريبًا. تسلمنا "كتيب" القصص. قصص شخصية - عائلية تحمل طابع تاريخ المدينة والمناطق المحيطة بها. ترافق الجولة مشاعر القرب والاغتراب والوحشة للمكان الذي وُلدت فيه، لأجياله القديمة، لواقع اليوم الذي يتضمن العنف الذي يحدث فيه في السنوات الأخيرة كجزء من موجة جرائم القتل التي تحدث في المجتمع العربي. إلى أين سيتطور هذا المكان؟

تظهر في أعمالها التي تحمل اسم "بلا عنوان" اثنتان: ربما شخصية وبقايا معلقة على بخيط رفيع. مصنوعتان من مواد أولية تم تحويلها إلى مادة جديدة، لكنهما تبدوان قديمتان ومهجورتان، تتأملاننا ولكن بدون نظرات.

                    عنات ليدرور, القيّمة    

תגובות לדף זה
תגובה חדשה

עדיין אין תגובות לדף זה.
מוזמנים להגיב!

חסר רכיב