آلام المخاض- الجوهر، المعنى والواقع
حاغيت بن شاحر
بدأ ذلك كله في نهاية عام 1999 في يوم شتويّ لطيف في الجليل، دخلت إلى غرفة كبيرة، ولا أذكر الآن سوى الشعور الذي انتابني في حينه: شعرت بانقباض وحماسة. تشعر في داخلك بأنّ الوقت قد حان! ولكن لِما حان الوقت؟ لم أكن أعرف، ولكنني كنت واثقة من أنّ الوقت قد حان لخطوتي المقبلة، البوابة فُتحت! لم يتبق أمامي سوى السير نحو المجهول الذي ينتظرني عند الزاوية.
في هذه الغرفة الصغيرة، تعرّفت إلى "التنفّس الواعي"، وهي أداة تشخيصيّة وعلاجيّة، بفضلها تعلّمت وخضت تجارب فرديّة وعالجت وعرّفت الآخرين بأثر بداية الحياة: استمرارية سيرورة النشوء، الحمل والولادة. منذ نهاية الأسبوع المؤثّرة تلك، انقضت سنوات مليئة بالأنشطة، الدروس المستفادة، الكتابة والتوجيه، اكتسبت خلالها معرفة وتجربة غنيّة. فكرة إقامة معرض حول هذا الموضوع المهم خطرت لي بعد زيارة لي في متحف حيفا.
توجّهت بهذه الرؤية إلى عنات ليدرور (القيّمة ومديرة غاليري چڤعات حبيبة للفن)، ومن تلك اللحظة، تبلورت سائر الأشياء معًا.
لقد ولدنا جميعًا، والآن، ليس أمامنا سوى مدخل واحد لنصبح سكانًا في الكرة الأرضيّة.
معجزة اتحاد خليتين جنسيتين، حيوان منويّ وبويضة، وتحوّلهما إلى كائن حيّ بشريّ، يفكّر، يشعر، يحلم (وهو في الرحم)، ينتج ويبني ويحقق، مألوفة لنا كعملية عاديّة وروتينيّة. ولكن ما أهميّة ومعنى الحياة هنا على سطح الكرة الأرضيّة؟
التجارب التي يمرّ بها الجنين في الرحم لا تكون دومًا لطيفة. تجربة الولادة الحديثة غير سهلة على معظم المواليد (حتى هؤلاء المولودين في عملية قيصريّة). كيف إذا تسهم تجارب بداية الحياة في بلورتنا وتحديد شكلنا طيلة حياتنا؟ كيف تتأثر علاقاتنا الزوجيّة، صحّتنا النفسيّة والبدنيّة، واختياراتنا البسيطة، مثل الاستيقاظ صباحًا، بولادتنا؟
ما هي صدمة الولادة؟ هل يفترض أن تكون الولادة صادمة؟ هل يمكننا تجنّب الولادة الصادمة؟
هل تقتصر على الأمهات المنجبات فقط؟ أم أنّ الأطفال قد يعانون منها أيضًا؟ كيف نعرف ما إذا مرّ أطفالنا بولادة صادمة؟ ماذا عن الآباء؟ وأفراد الطواقم الطبيّة؟
الولادة الصادمة؟
هل تقتصر على الأمهات المنجبات فقط؟ أم أنّ الأطفال قد يعانون منها أيضًا؟ كيف نعرف ما إذا مرّ أطفالنا بولادة صادمة؟ ماذا عن الآباء؟ وأفراد الطواقم الطبيّة؟ والمرافِقات؟
هل يمكننا معالجة وتحليل ولادة صادمة؟ ما دورها في حياتنا؟ لِمَ يحدث لي ذلك؟ ولنا؟!
سنتحدّث عن جميع هذه المواضيع في سلسلة لقاءات ستقام في إطار المعرض:
بِمَ يمرّ الجنين؟- الثلاثاء، 12.11.24
صدمة الولادة: الأهل، الطفل والطاقم- كيف نعرف؟- الثلاثاء، 19.11.24
معالجة صدمة الولادة– ممكنة في جميع الأجيال (داخل الرحم أيضًا)- الثلاثاء، 26.11.24
نحلم أنا وعنات، نتناقش ونبني "آلام المخاض" منذ ثلاث سنوات ونصف. شكل العالم والدولة والوجدان الداخليّ لدى الجميع تغيّر في السنوات الأخيرة. ابتداءً من الكورونا وحتى الحرب الملعونة التي نعيشها جميعًا منذ السابع من أكتوبر. المضامين والدوافع التي دعتنا لتناول هذا الموضوع مرّت بتقلبات عديدة خلال هذه الفترة، وفقًا لارتفاع الأمواج في الحيز الذي نعيش فيه. مع ذلك، ظلت منارتنا الداخلية طيلة هذه السيرورة متوهّجة برغبة تسليط الضوء على ماهية ومعنى وواقع الولادة في البلاد، ولادة إنسانيّة وولادة إسرائيل جديدة. هاتان الولادتان متشابكتان. من مثلي يعرف أنّنا عندما تكون ولادتنا ثمرة حب، عندما نلقى الاحتواء من جميع المتداخلين في عملية الولادة، فإنّ مستقبلنا جميعًا يحمل بشرى الخير والسعادة والازدهار وحسن الحال، والكثير من الحب.
ندعوكم لخوض التجربة، الإصغاء والمشاركة بآلام مخاضكم.
لنحلم معًا بمستقل جديد وقابل للتحقيق
حاغيت بن شاحر