ضوء بريّ
لقاء مشوّق يجمع بين كوكبة من الفنانات والفنانين
الشباب، يهود وعرب، اختيروا للمشاركة في برنامج الإقامة في چـڤعات حبيبة، لمدة خمسة شهور، تشاركوا خلالها الاستوديو
والمسكن لمدّة ثلاثة شهور، وذلك ضمن إطار
غنيّ بالمحتوى، اللقاءات والتجارب.
من خلال أعمال فرديّة تُعنى بالهوية الجمعيّة أيضًا، يسرد الفنانون قصّة عن تجربة شخصيّة في حيّز مشترك، ماديّ ومعنويّ. حيّز لا يكون فيه الضوء مجرّد مصدر للرؤية
والاكتشاف، إنّما أيضًا مصدر للقوة الداخليّة التي تدفع للبحث والاستكشاف وطرح
تفسير جديد. في فترة نشهد فيها كل هذا الانكسار والدمار، يشكّل المعرض حيّزًا
للبحث والاستكشاف. ينشأ في حالة الفوضى نظام جديد، تنبثق عن الوحشيّة لغات جديدة،
ويظهر مقابل الاختلاف رابط وطيد، فطريّ وإنسانيّ. الضوء البريّ، ذاك الضوء
البدائيّ، النور الإلهيّ الذي سبق ميلاد الشمس، قوة الخلق والإبداع، هو ضوء كاشف
عن الجمال، ولكن عن القسوة البشريّة أيضًا. الأعمال المشاركة في المعرض تعبّر عن
التوتّر القائم بين السيطرة والتحرير، بين القوانين المألوفة والقوى الجامحة.
عنوان المعرض، "ضوء بريّ"، مأخوذ عن عنوان ديوان
الشعر الأخير ليونا ڤالاخ، إصدار دار
النشر "إيخوت" في سنة 1983. مواضيع المجموعة الشعريّة تشمل تأمّل الذات،
تجارب الروح والجسد، الموت، الحب، الاتزان العقليّ، الجنون والإبداع. شعر ڤالاخ
مسرحيّ ومفعم بالألوان، تؤدّي فيه دور مخرجة تبني شخصيّات ومواقف، شخصيّات قوية
مقابل أخرى ضعيفة، حاكمة ومحكومة؛ وكأن شِعرها لا يكتفي بالكلمات المطبوعة، بل
يطالب بحياةٍ مليئة بالصور.
على غرار مسرح ڤالاخ، يشكّل المعرض منصّة لعرض العوالم
الداخليّة غير المكبّلة للفنانين والفنانات، في فترة يبدو فيها الواقع كمسرح
العبث.
يرافقنا روني في رحلة لصيد الأسماك، صور لرجال عراة
الصدر يصطادون الأسماك، يمسكون بها ويلتقطون الصور. يحتلّ المشهد الصفحة البيضاء،
ويفيض وصولًا إلى حوافها، يتبلور وتتضح معالمه، مثل صورة مستقطبة (بولارويد) أوقفت
عمليّة تحميضها في منتصف الطريق. الضوء لدى روتم ينبثق لحظة الانكشاف،
وينير لحظة التقاء آليتين تسعيان لفرض السيطرة، ويعطيها معنى جديدًا. النصب
التذكاريّ الخرسانيّ، والذي أزال عنه صفّارة الإنذار، يدعونا للإصغاء، يجذبنا
نحوه، خلافًا لوظيفته المألوفة كمُرسِل.
تسلّط عائشة الضوء على البريّ، تكشف لنا وتخفي عنا عالمًا
داخليًّا مشوّقًا من الألوان، الأشكال والمواد. ترسم على قطع أثاث مكسّرة، موضوعة
على جانبها، ككائنات اقتلعت من مكانها الطبيعيّ. الألوان في لوحات لمى هي
دليل على خبايا ذكرياتها، حيث ترسم ابنة شقيقها.
وضعت أرضًا تماثيل ورقيّة ملوّنة، متحرّرة من الشكل والجوهر. تتناول شيره
التوتّر بين الجليّ والخفيّ، بحيث تستعرض تمثالًا (نصفيًّا) لبطن مكشوفة، مصدر
العالم، تصدر عنها موسيقى خافتة لإيقاع طبلة. تُعرض قبالته صورة كبيرة
لبطانية ريش بيضاء تغطّي وتخفي المستلقي داخلها، ومضاءه وسط حلكة الليل.
النقاط على الجدار لدى سامر، كالنجوم المتلألِئة على سجّادة الحائط، تبعث
ضوءها نحو كومة من البلاطات المنزوعة من
مكانها، والموضوعة واحدة فوق الأخرى كطوطم. تستعرض أصالة حوارًا داخليّا نابعًا
عن حالة من الوعي ، محادثة ثلاثيّة بين النسيان، الكبت والاستكمال. صورة نصّ أبيض
على خلفية سوداء، ومعروض على ثلاث شاشات، يستحضر الجوانب المنسيّة داخل المادة
المظلمة المحيطة به. تضع دَريه نافذتين، واحدة داخل حيّز العرض، والثانية
خارج الغاليري، داخل حديقة التماثيل. تشكّل النافذة بالنسبة للمشاهد نقطة التقاء،
يمرّ عبرها الضوء والزمن، نقطة التقاء بين الداخل والخارج، بين المفتوح والموصَد،
بين الصورة والنص.
يتناول المعرض وجهات نظر فنيّة كحالة وجوديّة حتميّة خلال الأزمات
الاجتماعيّة والسياسيّة.
كمنارة
توجّه البحّارة التائهين
نحو ملاذ آمن،
هكذا يوجّه الضوء
العقل البشريّ نحو الحقيقة.
هرِئيل لوز، القيّم على
المعرض
————————————————————————————————————————
مديرة البرنامج: عنات ليدرور
مرافقة فنيّة وتنظيم : هرئيل لوز | مركّزة البرنامج: أوريت رينچـڤيرتس
المرشدون: أڤنير زيـنـچر، چاليا بار أور، حنان أبو حسين،
منار زعبي، نردين سروجي، عدينه بار أون، رون عمير، پيني يسعور
الفنانون الضيوف: أنيسة أشقر، أسد عزّي، كريم أبو شقرة، ستاڤ ستروز
بطرس، عبد عابدي، شيري چولان، تمار هيمان